تقول صحيفة “لوفيجارو” الفرنسية إن إعادة انتخاب رئيس الوزراء العراقي “نوري المالكي” لولاية ثالثة أثار حفيظة رئيس إقليم كردستان العراق “مسعود بارزاني” الذي لا يتوقف عن الترديد أمام محاوريه أنه إذا أعيد انتخاب المالكي في منصب رئاسة الوزراء فإنه سيعقد استفتاءا حول استقلال إقليم كردستان.
فبعد مرور شهر على الانتخابات التشريعية التي شهدت فوز قائمة المالكي، بدأ برزاني، الذي استقبله الرئيس الفرنسي “فرانسوا أولاند” مؤخرًا في قصر الإليزيه، حشد تأييد ودعم أوروبا للقضية.
وتوضح الصحيفة أن باريس، التي توترت علاقتها مع بغداد؛ بسبب انحيازها لإيران وسوريا، تشاطر بعض مخاوف الأكراد العراقيين، وقد أكد البيان الصادر من الإليزيه بعد لقاء الرئيسين أن أولاند “أعرب عن دعمه لتشكيل حكومة مصالحة في العراق، بروح من الوحدة تتيح لجميع الطوائف أن تكون ممثلة تمثيلا عادلا”.
وتشير الصحيفة إلى أن هذا الاجتماع، الذي تيسر بفضل العلاقات التاريخية الجيدة بين الاشتراكيين الفرنسيين والأكراد العراقيين، لم يشارك فيه السفير العراقي في فرنسا.
ويرفض بارزاني أن يصبح المالكي رئيسًا للوزراء للمرة الثالثة، فهو يأخذ عليه انحرافاته الاستبدادية والطائفية، كما يرى أن بغداد “تريد السيطرة على كل شيء، وهذا أمر غير مقبول، فنحن نريد أن نكون شركاء وليس مجرد موضوعات”، مضيفًا أن “الوقت قد حان لاتخاذ قرارات نهائية”.
وتلفت الصحيفة إلى أنه بدون انتظار، وإن أدى ذلك إلى تفاقم النزاع بينهما، بدأ الأكراد، قبل أسبوع تصدير نفطهم، عن طريق تركيا، إلى الأسواق العالمية، وفي خضم هذه التطورات ردت الحكومة المركزية، من خلال تقديم شكوى ضد أنقرة، أمام غرفة التجارة الدولية في باريس، وهي الخطوة التي اعتبرها مسعود بارزاني “غير شرعية”.
وباختصار وبعد أشهر من التوترات الكامنة، بدأت الأزمة تشتعل بين بغداد والأكراد أكثر من أي وقت مضى، وقد أكد الأكراد أنهم بحاجة إلى إيرادات لتعويض النقص في الأموال التي تخصصها الحكومة المركزية للحكومة الكردية المستقلة، منذ يناير الماضي، فبموجب الدستور الذي اعتمد عام 2005 والذي يعزز الأكراد، الفائزين في الحرب التي شنتها الولايات المتحدة ضد صدام حسين، تدفع بغداد 17% من إيرادات الموازنة للأكراد.
وقد استنكر أحد المقربين للمالكي قائلا “لا يحق للأكراد أن يحصلوا على المال من الميزانية المركزية، وفي الوقت نفسه يبيعون النفط لحسابهم”، ويرى الباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي “هشام داوود” أنه من خلال تهديداته، “يسعى بارزاني لممارسة الضغوط على المالكي”.
من جانبها، تشير الصحيفة إلى أنه في الوقت الراهن، خسارة الأكراد، بلا شك، ستكون أكثر من مكاسبهم، إذا قرروا الشروع في مغامرة الاستقلال، لكن برزاني يعرف أن الأمر لا يزال في يده بشأن تعيين رئيس الوزراء المقبل، فمع 95 عضوًا، يحتاج المالكي إلى الاتحاد مع تشكيلات أخرى للحصول على أغلبية في البرلمان الذي يضم 328 مقعدا.