عجزت جميع الدراسات عن فهم طائفة "اليزيديين"، بداية من ديانتهم ووصولًا إلى قوميتهم، حيث إن الصورة النمطية للعراق في الأذهان تتمثَّل في السنة والشيعة والأكراد، على الرغم من أنهم يُعتبرون من أقدم الجماعات العرقية والدينية في العراق وجذور ديانتهم تعود إلى آلاف السنوات في بلاد الرافدين، حيث تفيد بعض الأبحاث بأن ديانتهم نشأت سنة 132 هجرية إثر انهيار الدولة الأموية، وكانت "اليزيدية" في بدايتها حركة سياسية لإعادة مجد بني أمية، ولكن الظروف البيئية وعوامل الجهل انحرفت بهم فأوصلتهم إلى تقديس يزيد بن معاوية وإبليس، الذي يطلقون عليه اسم طاووس ملك وعزازيل.
ويتمركز اليزيديون في الشمال، والشمال الغربي من العراق، وبالتحديد في المنطقة المحيطة بجبل سنجار غربي الموصل، وفي قضاء الشيخان شمال شرقها، وبعض قرى ونواحي قضاء تلكيف، وناحية بعشيقة، وأقضية زاخو وسميل في محافظة دهوك، حيث أقر مجلس النواب العراقي في أغسطس 2012 بتأسيس ديوان أوقاف الديانات المسيحية واليزيدية والصابئة المندائية، ويمتلك اليزيديون مقعدًا في مجلس النواب العراقي ومقعدًا في مجلس محافظة نينوي ومجلس قضاء الموصل.
ويرجع سبب اختيار اليزيديين منطقة الأكراد ملجأ لهم، إلى أن أم مروان الثاني، الذي سقطت في عهده الدولة الأموية، كانت من الأكراد، وكان في مقدمة الهاربين من السلطة العباسية عدي بن مسافر، فقد رحل من لبنان إلى الحكارية من أعمال كردستان، وينتهي نسبه إلى مروان بن الحكم، ولقبه شرف الدين أبوالفضائل، حيث التقى الشيخ عبدالقادر الجيلاني، وأخذ عنه التصوف.
اليزيديون في العراق
واستطاع آخر رئيس للطائفة الأمير بايزيد الأموي، أن يحصل على ترخيص بافتتاح مكتب للدعوة اليزيدية في بغداد سنة 1969 بشارع الرشيد، بهدف إحياء عروبة الطائفة الأموية اليزيدية ووسيلتهم إلى ذلك نشر الدعوة القومية مدعمة بالحقائق الروحية والزمنية، وشعارهم عرب أمويو القومية يزيديو العقيدة.
أكثر المصادر اليزيدية تقول إن الطائفة تعرضت لاضطهادات ومجازر على مر التاريخ بسبب فتاوى التكفير والخروج عن الدين، منذ جعفر الداسني، أثناء حكم الخليفة العباسي المعتصم 224 هجرية، إلى حملات القرنين السادس والسابع عشر، ومن ثَم حملات ولاة بغداد العثمانيين، مثل حملة حسن باشا 1715 ميلادية، وحملة أحمد باشا 1733م، وحملة سليمان باشا 1752م، ومن ثَم حملة نادر شاه الفارسي، التي تواصلت للفترة من 1732-1743، ومن ثَم حملات أمراء الموصل من الجليليين، والحملة على إمارة الشيخان والحملات على يزيدية جبل سنجار، ثم حملات الباشوات العثمانيين، أولها يعود للعام 1560م عندما صدرت فتوى من مفتي الأستانة أبوالسعود العمادي بقتلهم، ومنها حملة علي باشا عام 1802م، وحملة سليمان باشا الصغير 1809م، وحملة اينجه بيرقدار 1835م، وحملة رشيد باشا علم 1836 وحملة حافظ باشا 1837 م وحملة محمد شريف باشا 1844-1845م، وحملة محمد باشا كريدلي أوغلو 1845- 1846م، وحملة طيار باشا 1846-1847م، وحملة أيوب بك 1891م، وحملة الفريق عمر وهبي باشا 1892م، ومن ثَم حملة بكر باشا 1894م، وحملات أمراء رواندز حملة محمد باشا السوراني 1832-1834م، وحملة بدرخان بك 1844، والحملات خلال القرن العشرين وحتى اليوم منها تشريد اليزيديين من قبل الأتراك الفتيان إبان مذابح الأرمن 1915 ومن ثم حملة إبراهيم باشا 1918 وحملة سنة 1935 من قِبل الجيش العراق الملكي، ومن ثَم حملات الأنفال في العراق خلال الفترة 1963-2007م، وفتاوى المتطرفين وتحليل هدر دم الإيزيديين ونكبة سنجار في أغسطس 2007م.
وتعرَّض اليزيديون أكثر من مرة، لهجمات على أيدي المتشددين الإسلاميين، سواء في قضاء الشيخان، أو ما حدث في زاخو في ديسمبر، حين هاجم متظاهرون في أعقاب صلاة الجمعة محال المشروبات الروحية الخاصة باليزيديين والمسيحيين، وأشعلوا النيران فيها، وهاجموا الفنادق التي تسمح بتناول المشروبات الروحية وأحرقوا مراكز المساج وصالونات الحلاقة وبعض الموتيلات الخاصة بأبناء الأقليات في المنطقة.
وأفادت تقارير صادرة عن الأمم المتحدة، أن 40 ألف عراقي على الأقل من الطائفة اليزيدية، معظمهم من النساء والأطفال، لجأوا إلى تسعة مواقع بجبل "سنجار"، وأوضحت أن ما لا يقل عن 130 ألف من اليزيدية، فروا إلى "دهوك" في الشمال الكردي أو إلى محافظة "أربيل"، مشيرة إلى أن السلطات العراقية تكافح منذ شهر يونيو الماضي، أكبر وأسرع تحركات للاجئين في العقود الأخيرة.
وأشارت التقارير إلى أن مدينة "سنجار" كانت قد هجرها سكانها، منذ اقتحام "داعش" لها في وقت متأخر، السبت الماضي، حيث إن عدد مَن يقطن المدينة حوالي 300 ألف شخص، ولم يتبقَّ سوى 25 ألف شخص، رأوا أن يحرسوا محاصيلهم في الحقول، على الرغم من تيقنهم بعدم قدوم أحد لمساعدتهم.