يجتمعون في قفص الاتهام، وحالتهم السكون، ينصتون لما تقوله هيئة المحكمة من قرارات، وما تقرأه النيابة في لائحة الاتهام، كبيرهم طريح الفراش بعد أن أقعده المرض، وأبناؤه ومساعدوه من حوله وقوف، بعضهم شارد الذهن، وآخرون يخفون نظراتهم وتعبيراتهم وراء النظارة السوداء، ولكن بعض وزراءه حملوا الورقة والقلم، ليدونوا ملاحظاتهم، استعدادا للمرافعة.
مارثون محاكمات رجال "مبارك"، الذي استمر لـ3 أعوام وأكثر لم ينته بعد في مضمار المحاكم، فكل يوم جلسة في قضية، إما فساد أو قتل أو تحريض، تختلف مسمياتها الإعلامية ما بين "محاكمة القرن"، و"موقعة الجمل"، و"احتكار الحديد"، أو حتى "اللوحات المعدنية"، وتختلف أيضا أحكامها، فمنهم من خرج بـ"البراءة"، ومنهم مازال يقبع "خلف القضبان"، ليوكل محامي وأكثر للدفاع عنه، أو يقرر أن يترافع عن نفسه أمام ساحة المحكمة.
"أحمد نظيف"، رئيس وزراء الأسبق، وإبراهيم سليمان، وزير الإسكان الأسبق، شخصيتان من رموز نظام مبارك، قررا الدفاع عن أنفسهم أمام هيئة المحكمة في قضايا مخالفات مالية، إذ خرجوا من قفص الاتهام، ووقفوا أمام هيئة المحكمة كمحامين، يطلبون البراءة، ويكذبون التهم الموجهة إليهم، وبالفعل حصل "نظيف" على البراءة في عدة قضايا، من بينها اللوحات المعدنية، بينما أخذ "سليمان" إخلاء سبيل في قضايا أخرى.
"كل متهم له الحق أن يدافع عن نفسه"، هكذا يعلق الناشط الحقوقي محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، على دفاع رموز نظام مبارك عن أنفسهم، مؤكدا أن الأمر في النهاية يرجع لهيئة المحكمة في السماح للمتهم في الدفاع عن نفسه، حتى لو وكل محاميا للدفاع عنه، فهذا حق قانوني.
"مبارك والعادلي وعز"، كبار رأس النظام الأسبق، الذي أسقطه الشعب في ثورة 25 يناير، كما أكدت النيابة في مرافعاتها في قضية القرن، قرروا أيضا الدفاع عن أنفسهم، كما أعلنت هيئة الدفاع عنهم في وسائل الإعلام، وهنا يؤكد "زارع"، أن توكيل المتهمين لمحامين للدفاع عنهم، لدراية المحامي بمواد القانون، ولكن هذا لا يمنع المتهم من الحديث في بعض النقاط، التي يرى نفسه قادر على توضيحها، مشيرا إلى أن طلب هؤلاء الدفاع عن أنفسهم، عكس ما يفعله أعضاء جماعة الإخوان، فهم يتحدثون كل وقت لتعطيل سير المحاكمة، وليس للدفاع، وكان الدليل على ذلك، قيام هيئة المحكمة بتفعيل العمل بالقفص الزجاجي في محاكمات الإخوان.