«مبارك» أصيب بأزمة قلبية حينما علم بخضوعه للتحقيق وأصعب لحظة مر بها عندما تقرر نقله إلى طرة رغم مرضه
المشير «طنطاوى» صرخ بانفعال: «الجيش لم يسلم البلد للإخوان الشعب هو اللى جابهم وإحنا خدنا إجراءاتنا لما وصلوا الحكم»
قال فريد الديب، محامى الرئيس الأسبق حسنى مبارك، إنه واثق فى دفاعه عن مبارك ونجليه، لكن لا أحد يضمن الحصول على البراءة، والأمر بين يدى المحكمة، موضحاً أن «مبارك» وصف حكم المؤبد الذى صدر بحقه، أثناء نظر قضية القرن فى المرة الأولى، بأنه «لا حق ولا عدل»، وطالب بالبدء فوراً فى إجراءات الطعن. وأشار «الديب» فى حواره لـ«الوطن»، إلى أن أصعب اللحظات التى مر بها الرئيس الأسبق منذ تنحيه عن الحكم فى 11 فبراير 2011، كانت حين أمر المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام الأسبق، بانتقاله إلى سجن طرة، ومغادرة المستشفى العسكرى بالمعادى، رغم مرضه، لافتاً إلى أن «مبارك» اكتفى بتعليقه حينذاك، قائلاً: «ربنا موجود»، وقال إن «مبارك» يعيش حالة نفسية سيئة منذ وفاة حفيده محمد علاء، و«لطم على وشه» حينما وصل إليه خبر الوفاة، وتأثر جداً منذ وقوع تلك الصدمة الكبيرة. وأضاف أن ما حدث فى يناير 2011 لا يعتبر «ثورة»، استناداً لأقوال الشهود فى القضية، ولكنها كانت مؤامرة خُطط لها من تنظيم الإخوان، فضلاً عن أنه تم رصد مخطط أجنبى لـ«غزو مصر»، وأكد أن «الإخوان» مسئولون عن قتل المتظاهرين، بالاستعانة بكتائب القسام وحركة حماس، واستخدموا الذخيرة التى تبرعت بها الشرطة المصرية لدولة فلسطين لتأسيس شرطة خاصة بقطاع غزة.
فريد الديب
■ هناك أطراف متداخلة فى قضية القرن من بينها أجهزة الدولة، خاصة فيما يتعلق باتهامات قتل المتظاهرين.. هل وجدت تعاوناً من تلك الأجهزة معك كمحامٍ يمتلك الحق فى الحصول على المعلومات للدفاع عن موكليك؟
- لم يحدث أى تعاون، لأننى قدمت كل شىء متعلق بأوراق القضية، ولو سألتنى عن تقييمى للقضية فأنا أقسمها لجزءين، الأول حينما تمت إحالتها للقضاء فى 27 مايو 2011، ونُظرت الجلسة الأولى برئاسة المستشار أحمد رفعت فى 3 أغسطس 2011، وظلت الجلسات مستمرة حتى توقفت لنظر طلب الرد المقدم، وحينما صدر الحكم النهائى بإدانة الرئيس مبارك بالسجن المؤبد، كانت تلك هى القضية الوحيدة التى أدين فيها الرئيس، وحصل على البراءة فى باقى القضايا، وتقدمت بالطعن، وتقدمت النيابة العامة بالطعن أيضاً اعتراضاً على براءة 6 من مساعدى وزير الداخلية، وأرى أن المحكمة السابقة «دبت» مبارك والعادلى المؤبد بتهم «التقاعس»، وحينها سألتهم «انتم جبتم التهمة دى منين».
«مبارك» اتخذ قراراً بعدم الترشح للرئاسة فى 2004 وقال لى «عمر سليمان الأنسب لقيادة مصر» وهو «مبسوط أوى من السيسى» لأنه قادر على «العبور» بمصر من مرحلة الخطر إلى بر الأمان
■ بعض خبراء القانون فسروا الحكم بأن مبارك امتنع عن أداء دوره فيما يتعلق بإيقاف عملية قتل المتظاهرين.. ما رأيك؟
- أولاً التوصيف القانونى لهذه الحالة يسمى بـ«النشاط السلبى»، والنشاط السلبى لا يكون أبداً فى الاشتراك فى القتل، فالقانون حدد وسائل الاشتراك فى الجريمة وكلها تستلزم صدور نشاط إيجابى من المتهم.
■ هل تقصد ضرورة إثبات صدور أوامر مباشرة بالقتل؟
- الاشتراك يكون إما بالاتفاق أو التحريض أو المساعدة عن طريق تقديم وسيلة معينة، ومن ضمن أسباب تقديم وقبول النقض أنه لم ينسب إلى مبارك فى حيثيات الحكم الأول أى فعل إيجابى يتعلق باشتراكه فى قتل المتظاهرين، وكأنه «هرب من التهمة الأصلية»، وابتدع تهمة جديدة دون لفت نظر الدفاع.
■ هل الأمر اختلف بالنسبة لك كمحامٍ فى مرحلة إعادة المحاكمة؟
- طبعاً، فهيئة المحكمة برئاسة المستشار محمود الرشيدى قرأت جميع الأوراق لدرجة أنها لم تترك صغيرة أو كبيرة، وهى التى قررت من تلقاء نفسها فى أغسطس 2013 تشكيل لجان تضم عسكريين وأفراداً من الشرطة لبحث وفحص وقائع القتل والأسلحة والذخيرة وقدمت تقريراً «كويس جداً»، ولجنة لفحص قضية فيلات شرم الشيخ، وأخيراً شكلت لجنة خماسية فى قضية تصدير الغاز تطالع ملف القضية ويرأسها أحد أساتذة البترول، أيضاً المحكمة قررت من نفسها استدعاء الشهود للاستماع إليهم دون أى طلب من الدفاع، وكنت فقط أتمنى أن يكون اللواء عمر سليمان رحمه الله موجوداً ليدلى بشهادته فى المرة الثانية، كما قالها بشكل وطنى وقوى فى المرة الأولى.
حسام عيسى «مجرم».. وبلاغ «بكرى» ضدى «هجايص».. و«هيكل» زعم أن ثروة «مبارك» 9 مليارات وتقرير الكسب «مسح بيه الأرض»
■ بصراحة، هل كانت لديك مشكلة مع المستشار أحمد رفعت رئيس المحكمة السابق؟
- المشكلة ليست معى، المشكلة كانت أن المستشار رفعت بلغ سن الإحالة للمعاش فى 17 أكتوبر 2011، وطبقاً للقانون فهو يستمر فى نظر القضية حتى 30 يونيو 2012، وحينما توقفت القضية للرد وتم تأجيل القضية 3 أشهر، كانت هناك مخاوف من أن القاضى لن يأخذ وقته فى نظر القضية، خاصة أنه لا بد أن يوقع عليها، ونجحنا بعد ذلك فى تقصير طلب الرد، حتى عادت جلسات القضية للاستئناف فى 28 ديسمبر 2011، ولكن المشكلة وقتها أنه لم يستمع للشهود، وسارع بتحديد جلسات مرافعة النيابة، ثم جلسات مرافعة الدفاع، ثم التعقيب الأخير، وصولاً لتحديد جلسة النطق بالحكم، لذلك فهذه المرة الأمر مختلف.
■ كيف تقرر استدعاء الشهود من كبار القيادات السياسية والأمنية للإدلاء بشهادتهم؟
- الأمر كله جاء من المحكمة وفقاً لجداول زمنية وضعتها، ويومياً كانت تطلب سماع 3 من الشهود، وفى بعض الأحيان كانت الجلسات تستمر حتى السابعة مساءً، وطبعاً كانت الجلسات سرية حتى لا يحدث لغط، وحضر طبعاً المشير طنطاوى رئيس المجلس العسكرى سابقاً، واللواء فريد التهامى المدير الحالى لجهاز المخابرات، واللواء حسن الروينى القائد السابق للمنطقة المركزية العسكرية، واللواء حمدى بدين قائد الشرطة العسكرية السابق، وخالد ثروت الرئيس الحالى لقطاع الأمن الوطنى، وكل هؤلاء كشفوا الحقائق.
فريد الديب
■ لنفند الحقائق خطوة بخطوة.. أولاً، هل أكد أى من هؤلاء الشهود صدور أوامر بقتل المتظاهرين؟
- لا طبعاً.. نفوا تلك المعلومة بشكل قاطع، بداية من اللواء حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق، الذى قال «مبارك لم يصدر لى أى أوامر بقتل المتظاهرين.. بل بالعكس قال لى أحذر من استخدام العنف أو استعمال الأسلحة»، وترتب على هذا وفقاً لحديث العادلى، أنه أبلغ تلك الأوامر لمساعديه، وعليه تم تنفيذها، وبناءً على ذلك أصبحت القوات بلا أسلحة، والمتظاهرون علموا أن «الشرطة بلا سلاح» فى ذلك الوقت «وعشان كده انضربوا وجريوا»، ثم ما أكده المشير طنطاوى الذى قال «مبارك لم يصدر أى أوامر باستخدام العنف سواء للجيش أو لغيره، وحينما كلفنى الرئيس بنزول الجيش لحماية المواطنين أكد على الحذر من استخدام السلاح».
■ ما دور الشرطة بعد نزول الجيش إلى الشوارع فى 28 يناير 2011؟
- وفقاً للمادة 52 من القانون 183، فإن الكلمة الأولى والأخيرة للقائد الميدانى حال نزول الجيش للشوارع، وتلغى الشرطة، وهو ما حدث بدءاً من عصر جمعة الغضب، والقانون ينص على أن الشرطة فى تلك الحالة تنفذ فقط الأوامر الصادرة من القائد الميدانى وتقدم له العون فيما يطلبه، ولا يحق لها تنفيذ أى قرار حتى لو كان صادراً من وزير الداخلية، ويدعم هذا الأمر حديث اللواء حسن الروينى قائد المنطقة المركزية العسكرية السابق، حينما قال أمام المحكمة إنه صدرت له أوامر من الرئيس بعدم استخدم أى طلقات نارية.
■ قلت فى نص مرافعتك إن قوات الجيش التى نزلت للشوارع فى جمعة الغضب تعرضت لخسائر.. كيف؟
- اللواء حسن الروينى نفسه قال أمام المحكمة «إحنا اتبهدلنا آخر بهدلة»، وشدد على أنه لم يطلق طلقة واحدة، ورغم ذلك استشهد عدد من جنوده وتعرض آخرون للإصابة، وتعرضت مركبات وآليات للحرق، وقال إن أول مدرعة نزلت ميدان التحرير حُرقت، وأوضح فى وجهة نظره حول التكتم على تلك المعلومات حينها، بأن المؤسسة العسكرية لم تكن تريد إظهار صورة بأن «الجيش يتعرض للضرب»، بل إن الروينى نفسه تعرض للإغماء بسبب استنشاقه الغاز المسيل للدموع، وتم نقله داخل المتحف المصرى.
■ هل تمتلك شهادات أخرى تدعم مرافعتك فيما يتعلق بعدم تورط الرئيس الأسبق فى إصدار أى أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين؟
- أحد قادة تشكيلات الحرس الجمهورى، قال أمام المحكمة إن الرئيس مبارك قبل ساعات من وصول التظاهرات إلى محيط قصر الاتحادية قال لهم «لو المتظاهرين دخلوا علىّ غرفة النوم.. وخدونى أنا وولادى بالبيجامة، ماحدش يضرب طلقة»، بالرغم من أن التعليمات البديهية للحرس الجمهورى هى إطلاق النار على أى شخص يقترب من مقر إقامة الرئيس.
■ السؤال الذى يشغل بال الكثير الآن.. ما الجهة التى تورطت فى قتل المتظاهرين؟
- أولاً عدد الذين قتلوا «أول عن آخر» 60 فرداً فقط، بعد استبعاد من سقطوا أمام الأقسام حينما حاولوا مهاجمتها، ووفقاً لأقوال الشهود فإن تنظيم الإخوان مستعيناً بكتائب القسام وحركة حماس، وراء قتل المتظاهرين، واللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق، قال إن عدداً يتراوح ما بين 70 إلى 90 فرداً من حزب الله، تسللوا عبر الأنفاق فى ليلة جمعة الغضب وظهروا فى ميدان التحرير واستخدموا أسلحة.
الرئيس الأسبق قال لى: «آخد إعدام فى بلدى ولا إنى أخرج منها» وطبيب «مبارك» الألمانى تعرض لتهديدات من «الإسلاميين»
■ البعض يصنف شهادة اللواء مصطفى عبدالنبى رئيس هيئة الأمن القومى، بأنها «الأخطر والأهم» فى القضية.. ما رأيك؟
- فعلاً، فرئيس هيئة الأمن القومى قال إن تقارير صادرة من الهيئة رصدت قيام عناصر من حماس بجمع الذخيرة التى تبرعت بها الشرطة المصرية لدولة فلسطين لتأسيس شرطة خاصة بقطاع غزة، ووفقاً لتحليل اللواء عبدالنبى، أنه حينما يتم استخدام تلك الذخيرة وبالكشف عن جهة صناعتها ستجد المعلومات موجودة على ظهر فوارغ الطلقات، فضلاً عن العثور على فوارغ ذخيرة مطموسة المعلومات.
■ وهل هناك أدلة أخرى تدعم الشهادات الخاصة بتورط «الإخوان» فى قتل المتظاهرين؟
- اللواء حسن الروينى نفسه كشف فى المحكمة تفاصيل موقعة الجمل 2 فبراير، والحديث الذى دار بينه وبين القيادى الإخوانى محمد البلتاجى، حينما قال الروينى بعنف «نزّل الناس اللى فوق الأسطح.. ولّا أطلع أنزلهم أنا»، ليرد البلتاجى، حسب رواية الروينى: «هنزّلهم.. بس نزّل أنت الناس اللى بتضربنا من فوق هيلتون رمسيس»، ويقول الروينى إنه طالب أقرب دورية جيش التى كانت متمركزة فى ذلك الوقت أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون بتفقد سطح الفندق.
■ وهل وجدوا فعلاً مسلحين يطلقون النار من أعلى الفندق؟
- الدورية التى صعدت قالت إنها وجدت مجموعة من المصورين الأجانب يلتقطون الصور لميدان التحرير، لكن مهمتهم الأساسية لم تكن التصوير، فالكاميرا بداخلها سلاح، ولكنهم يتظاهرون بالتصوير، وأقول لك «سلاح نارى يقتل»، وهناك فيلم عرضه المحامى على الجمل، المكلف بالدفاع عن اللواء إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة الأسبق، يوضح تلك النقطة، وأمتلك فيلماً وثائقياً كاملاً قدمه لى عمرو عمار مؤلف كتاب «الاحتلال المدنى»، والدليل على صحة كلامى أن المقذوفات التى جمعتها اللجنة المكلفة من المحكمة لم تكن بحجم مقذوفات الخرطوش أو المقذوفات النارية التى تستخدمها الشرطة.
■ هل تم تقديم تلك الأدلة للمحكمة؟
- لا للأسف، لأن تلك العناصر لم يتم القبض عليها.
■ هل تحمّل المجلس العسكرى مسئولية عدم الوصول إلى الأدلة الكاملة بشأن حقيقة مقتل المتظاهرين؟
- لا، وأرى أن مجلس «طنطاوى وعنان» أدار المرحلة الانتقالية بحنكة شديدة، كما تكشفت لى الأمور، خاصة أنه كان هناك «حقد مبيت» من الأمريكان على مبارك، بسبب رفضه الموافقة على إقامة قواعد حربية لهم فى البحر الأحمر، والجميع يعلم أنه فى أثناء تلك الأحداث التى سبقت التنحى تحرك الأسطول السادس الأمريكى، حيث عبرت بارجة من ناحية بورسعيد، وأخرى جاءت من البحر الأحمر، ما دفعنى للربط بين ما حدث وما نشر فى مذكرات روبرت جيتس وزير الدفاع الأمريكى الأسبق، التى نشرتها «الوطن» وقدمت بها مذكرة إلى المحكمة، ومذكرات هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، حينما قالت «قررنا التدخل عسكرياً.. لتمكين الإخوان، ولكننا تراجعنا بعد ذلك لأن مصر ليست سوريا»، لذلك حينما وقفت وقلت أمام المحكمة «يا جماعة اصحوا شوفوا كان بيحصل فينا إيه.. كان عندى حق».
■ ما حقيقة إدلاء اللواء حمدى بدين بمعلومات أمام المحكمة حول قيام الشرطة العسكرية أثناء الثورة بالقبض على عناصر فلسطينية ترتدى زياً مموهاً يشبه الزى العسكرى؟
- اللواء بدين لم يقل، ولكنه كان سؤالاً موجهاً من هيئة الدفاع إليه، خاصة أننا تحصلنا على دفتر عمليات بلاغات شرطة النجدة، ووجدنا أن أهالى منطقة ما أبلغوا عن وجود أجانب، وقامت القوات بمداهمة الشقة والقبض على تلك العناصر، منهم على ما أتذكر سيدة روسية ثبت أنها توزع منشورات تحريضية، وفى بداية الأمر حضر مدير إدارة التحريات العسكرية للإجابة عن تساؤلات الدفاع، ولكن ردوده كلها جاءت من نوعية «معنديش معلومات يا فندم»، «أنا لم أكلَّف بشىء»، لذلك أصرت المحكمة على حضور اللواء بدين للشهادة، وأمرت بعودته من الصين حيث يشغل منصب الملحق العسكرى للسفارة المصرية هناك، والحقيقة أن بدين قال إن المقبوض عليهم تم تحويلهم للنيابة العسكرية، وبسؤال عن جنسياتهم قال إن من بينهم عرباً وأوروبيين ينتمون إلى دولة بلجيكا، إضافة إلى عناصر أمريكية، كانت ترتدى وفقاً لشهادة قائد الشرطة العسكرية السابق زياً عسكرياً، ما دفع القيادة العسكرية إلى تغيير زى قوات الجيش.
■ ماذا عن مصير تلك العناصر.. أين ذهبت؟
- اللواء بدين قال إنه جرى تحويلهم إلى النيابة العسكرية، وحينما خاطبنا النيابة العسكرية جاء الرد بأنه «لم يستدل على أرقام البلاغات»، وأرى أن تلك العناصر خرجت على غرار ما حدث فى قضية منظمات المجتمع المدنى فى 2011، حينما تم الإفراج عن المتهمين وعادوا لبلادهم، ولهذا فإن الرئيس السيسى حينما سئل عن رأيه فى أحكام قضية «خلية الماريوت»، قال إنه لا يتدخل فى أعمال القضاء، ولكنه يتمنى أن يتم ترحيل هؤلاء العناصر إلى بلادهم، حتى لا يكون الأمر ذريعة لأى تدخل خارجى.
■ هل هناك شهادات كانت مفاجئة لك فى القضية؟
- طبعاً، ويكفى أن أقول إن المشير حسين طنطاوى قال أمام المحكمة بالنص «إحنا اتفاجئنا بتنحى الرئيس مبارك».
■ إذن لم تضغط المؤسسة العسكرية على مبارك للتنحى؟
- نهائى، ولم يرغَم على أى شىء، وحينما عرض عليه المشير السفر إلى أى دولة خارجية رفض وقال له «أنا معنديش حاجة أخاف منها.. أنا قاعد هنا فى شرم الشيخ».
■ بمناسبة ذكر شهادة المشير طنطاوى، هل تطرق فى أقواله إلى مسألة وصول تنظيم الإخوان إلى السلطة؟
- محامى أحد المجنى عليهم، وقف ووجه سؤالاً لطنطاوى قائلاً: «ممكن أعرف المجلس العسكرى ليه سلم البلد للإخوان؟»، ليرد المشير بعصبية شديدة، قائلاً: «إحنا ما سلمناش البلد للإخوان.. انتم اللى سلمتوها وإحنا بنتفرج عليكم»، فسأله المستشار الرشيدى «مين انتم» فرد: «الشعب هو اللى اختار الإخوان.. وإحنا ماكنش لينا أى دور فى الانتخابات، ولما حصل والإخوان وصلوا، بدأنا ننظر فى الإجراءات المستقبلية».
■ وماذا عن تفاصيل شهادة الفريق سامى عنان رئيس الأركان السابق؟
- عنان حينما قابلته فى المحكمة، وسألته وجهاً لوجه عن رأيه فى تلك الأحداث، قال لى فى البداية: «والله أنا ماعرفش»، وحينما ذكرت له شهادة المشير طنطاوى، رد قائلاً: «هو المشير قال بقى.. يبقى فعلاً هى دى الحقيقة»، ونص شهادته يؤكد أنه قال عن الأحداث إنها «مخطط أمريكى»، وكان للمتظاهرين مطالب مختلفة، فهو وصفهم بـ«المجموعة المشتتة من حيث الرؤى والأفكار»، والقوات المسلحة كانت تشرح لهم الأمور، وذكر عنان فى شهادته أن المطلب الوحيد للمتظاهرين كان رحيل وزير الداخلية آنذاك اللواء حبيب العادلى، وبعدها تحولت الأمور لمطالب فئوية.
■ من واقع لقاءاتك المستمرة مع الرئيس الأسبق بعد نحو 3 سنوات من الحبس الاحتياطى، هل ندم على بقائه فى مصر وعدم السفر للخارج؟
- لا، لدرجة أننى فى إحدى المرات قلت له: «مش كنت يا سيادة الرئيس تاخد طيارتك وتريّح بالك برة البلد»، فرد علىّ قائلاً: «أنا آخد إعدام فى بلدى.. ولا إنى أخرج منها».
■ وهل كان متوقعاً أن يخضع للمحاكمة عقب تنحيه عن الحكم، وذهابه إلى شرم الشيخ؟
- نهائياً، لدرجة أنه حينما علم أن وفداً من النيابة العامة توجه إلى شرم الشيخ لاستجوابه، تعرض لأزمة قلبية ونُقل إلى المستشفى.
■ هل أصيب بأزمة قلبية لأنه ينظر إلى تاريخ الـ30 عاماً فى حكم مصر، أم لأنه برىء من الاتهامات الموجهة إليه؟
- هو واثق تمام الثقة أنه لم يفعل أى شىء يستوجب المساءلة.
■ وكيف ينظر إلى محاكمته، هل يراها «بهدلة» مثلاً، أم ابتلاء من الله؟
- أول جملة نطق بها لسانى فى المرافعة كانت: «لقد تعرض الرئيس مبارك للتشهير ولاقى كثيراً من العنت».
■ البعض انتقدك حينما وصفت فى مرافعتك خلال جلسات «قضية القرن» ما حدث فى يناير 2011 بأنها مجرد «أحداث» وليست «ثورة»، بالرغم من أن الجميع يعترف بأنها ثورة شعب؟
- «هى فين الثورة دى»، مصطلح الثورة فى صحيح مدلولها القانونى هو ما يصدر من الشعب منذ البداية دون تدخل «أجنبى تآمرى»، بهدف إلغاء الدستور وتغيير نظام الحكم، أما غير ذلك من «فورات الغضب والاحتجاج»، من أجل تحقيق مصالح اجتماعية وسياسية وفئوية، فلا يسمى «ثورة»، مهما كانت تجمعات الناس أو شدة غضبهم، وهنا أسأل سؤالاً: «هل ينطبق هذا التعريف على أحداث يناير؟.. الإجابة لا».
■ ولماذا بوجهة نظرك لا تعتبر ما حدث فى يناير 2011 أنه ثورة شعبية؟
- لنبدأ بشهادة شهود القضية التى يحاكَم فيها مبارك بتهمة قتل المتظاهرين، فلم يصف أحد منهم أحداث يناير بالثورة، فمثلاً اللواء عمر سليمان، قال فى شهادته أمام المحكمة إن ما حدث فى يناير «مؤامرة»، وأيضاً اللواء محمود وجدى وزير الداخلية الأسبق وصفها بالأمر نفسه، والمشير حسين طنطاوى قال فى شهادته أمام المحكمة برئاسة المستشار محمود الرشيدى فى ديسمبر 2013، إن أحداث يناير كانت مخططاً أمريكياً تنفذه جماعة الإخوان ومن يدور فى فلكها، وكانوا يرغبون بالضغط والأعداد الكبيرة فى «توليع البلد» مثلما حدث فى تونس، وغيرها من الدول العربية، تنفيذاً لمخطط الشرق الأوسط الجديد، لكن ربنا ستر، وخرج الشعب فى 30 يونيو ليفسد هذا المخطط، وشدد طنطاوى فى شهادته على أن ذلك المخطط كان موجوداً منذ زمن ويستهدف تخريب مصر، وأن المظاهرات انقلبت لأحداث عنف.
■ هل ذكرت تقارير جهاز المخابرات العامة أى شىء عن تلك الفترة؟
- اللواء مراد موافى الذى تولى مسئولية جهاز المخابرات العامة فى 29 يناير 2011، قال فى شهادته إن ما حدث فى مصر جاء بعد تجنيد أمريكا لبعض العناصر، والأحداث التى شهدتها البلاد لم تكن ذات أهداف نبيلة، بل كانت جزءًا من عملية تستهدف إسقاط الأنظمة العربية، والشباب كانوا يعتبرون الدكتور محمد البرادعى ملهماً للثورة، ولكنهم تأكدوا بعد هروبه أنه لا يستحق تلك المكانة، وشدد «موافى» فى شهادته على أنه كان يتم توزيع مبالغ مالية على المتظاهرين، فضلاً عن ذكره لدخول عناصر أجنبية مسلحة تسللت إلى البلاد عبر جميع المنافذ، وأن هناك تنسيقاً كاملاً حدث بين تنظيم الإخوان وحركة حماس، وقال أيضاً إن هناك سفارات أجنبية فى مصر أسهمت فيما حدث، وأنه استدعى ممثلى تلك السفارات لتحذيرهم، والأخطر من ذلك أن تقرير الجهاز، كشف عن أن المعزول محمد مرسى كلف النائب الإخوانى حازم فاروق، بالسفر إلى لبنان فى عام 2009 لمقابلة أحد عناصر حركة حماس، الذى يستخدم اسماً حركياً ويدعى «أبوهاشم»، للتنسيق على هامش أحد المؤتمرات السياسية فيما يتعلق بإسقاط النظام المصرى.
■ قلت فى مرافعتك إن بعض الشهود قالوا إنهم رصدوا مخططاً أجنبياً منذ فترة طويلة لـ«غزو مصر».. ما تفاصيل هذا الأمر؟
- اللواء أيمن فهيم القائد بسلاح الحرس الجمهورى، قال فى شهادته إنه حينما ذهب للحصول على دورة تدريبية فى الولايات المتحدة الأمريكية عامى 1997 و1998، وجدهم يضعون فى المواد التدريبية أشياء تتعلق بغزو إيران، وكان وفقاً لشهادته، المصرى الوحيد فى تلك البعثة، وحينما سأل آخرين غير مصريين ممن تلقوا تلك الدورة، قالوا له إنهم كانوا يتدربون فيما قبل على غزو مصر.
■ تغير أسلوب مرافعتك هذ المرة، واعتمدت على انتقاد عدد من الرموز والشخصيات السياسية أمام هيئة المحكمة.. لماذا؟
- لم يكن الهدف انتقاد هؤلاء الأشخاص، «أنا ماليش علاقة بيهم»، لكن حينما أقرأ مقالاً للكاتب حمدى رزق قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة، يحذر فيه عبدالفتاح السيسى من الاستعانة بعناصر نظام مبارك أو قيادات عهد الإخوان، وإلا سيلقى «تصويتاً عقابياً»، مع أننا لو عدنا بالذاكرة لمقالات حمدى رزق فى عام 2009، سنجده يمدح فى نظام مبارك ورجاله، وقال عنهم «ناس كويسين وبتوع نهضة»، «رزق» أيضاً فى 2010 أجرى حواراً مع جريدة «اليوم السابع» قال فيه «الصحف القومية بتقول الحقائق.. والصحف الخاصة بتروج شائعات زى اختلاق أمر التوريث».
■ وماذا عن هجومك على الدكتور مصطفى الفقى، خاصة أنه يصف نفسه دائماً بأنه «الرجل الذى أنصف مبارك فى وقت الشدة»؟
- «الفقى برده كان شغال هجوم على الصحافة، وماشى يقول انتم بتجيبوا الكلام عن التوريث ده منين»، وأن الأمر لا أساس له من الصحة، وأثنى على قرار مبارك بعدم تعيين نائب للرئيس لأنه يترك الحرية للشعب فى الاختيار، لكن بعد 25 يناير تغير كلامه تماماً.. «بعد كل ده أسيبهم»، أنا محامى بعرض كيف انقلب الحال فى مصر بين صفوف الصفوة.
■ الدكتور حسام عيسى نائب رئيس الوزراء السابق، لم يسلم أيضاً من نقدك.. لماذا؟
- حسام عيسى «أكبر مجرم»، أنا أعرفه من زمان، وأصبح من شلة «الماركسيين» بعدما سافر إلى فرنسا، بعد انتهاء دراسته فى كلية الحقوق، هناك تعرف على صديقه الدكتور حازم الببلاوى رئيس الحكومة السابق، خريجى تلك الدفعات كانوا حينما يذهبون إلى فرنسا وسط ذلك التمدد الشيوعى، ويعودون فيطلقون على أنفسهم «المثقفين»، وغيرهم «جهلاء»، هؤلاء كانوا «مستترين» أيام جمال عبدالناصر لأن غالبيتهم «كانوا فى السجون»، ومن يقول منهم عن نفسه أنه ناصرى غير صحيح، وغالبيتهم «لم يعيشوا أصلاً فى عهد جمال عبدالناصر».
■ وما علاقة حسام عيسى بشائعة امتلاك الرئيس الأسبق 70 مليار دولار فى حسابات سرية بسويسرا؟
- بالمناسبة بقى الأزمة مع عيسى بدأت حينما كان وزيراً فى حكومة الببلاوى، ظهر فى برنامج تليفزيونى رأيته بـ«الصدفة»، وصف فيه مبارك بـ«الحرامى واللومانجى»، بعدها حصلت على تسجيل كامل للحلقة، وقدمت بلاغاً ليتم تضمينه داخل القضية، أما فيما يتعلق بشائعات ثروة مبارك، فالأمر بدأ من عند محمد حسنين هيكل، الذى خرج وقال فى حوار تليفزيونى فى مايو 2011 إن ثروة مبارك من 9 إلى 11 مليار دولار، وحينما استدعاه رئيس جهاز الكسب غير المشروع، قال هيكل إن معلوماته مستقاة من تقارير صحفية، بعدها أصدر رئيس الجهاز بياناً حول الواقعة «مسح بيه الأرض»، وأكد أن هذه المعلومات غير صحيحة.
■ حتى بعدما قال الكاتب الصحفى مصطفى بكرى، إنه ينوى تحريك بلاغ للنائب العام ضدك بعد هجومك عليه فى المرافعة؟
- ما يقدم بلاغ يا عم.. «كل ده هجايص».
■ لماذا هاجمت «بكرى» بالرغم من أنه ينصف الرئيس الأسبق فى حديثه ويصفه بـ«الوطنى» الذى حافظ على مصلحة مصر؟
- أنا هاجمته وأسخر مما يكتبه ويسميه «أسراراً»، مثلاً فى كتابه الأول الذى حمل عنوان «الجيش والثورة»، كان يغازل فيه الفريق سامى عنان رئيس الأركان السابق، وكل هذا مثبت بالوثائق داخل الكتاب.
■ كيف؟
- الكتاب كان يصوره بأنه الشخص الفاعل داخل اجتماعات المجلس الأعلى للقوات المسلحة، صحيح أنه لم يهمش شأن المشير طنطاوى، ولكنه وضعه فى «الصف الثانى»، وحينما رأى أن «المسائل مش ماشية»، وجدناه يذهب ليقنع الفريق عنان بعدم الترشح فى الانتخابات الرئاسية فى مواجهة المشير السيسى، والسؤال «أنت رايح بصفتك إيه.. ده رئيس أركان سابق».
■ فى حديثك مع الرئيس الأسبق مبارك حين تقابله، كيف يحدثك عن النخبة السياسية؟
- ولا بيجيب سيرتهم أصلاً.
■ ألم يُبدِ دهشته من التحولات السياسية والشخصية التى لحقت بتلك النخب عقب 25 يناير؟
- عمره ما اتكلم عن حد منهم.. نهائى.
■ ألم تبادره بسؤاله عن رأيه فى النخبة؟
- اللى عايز يعرف مين حسنى مبارك، يقرأ القرار الذى أصدره الرئيس أنور السادات فى العام 1978، بتعيينه مسئولاً عن تجميع المعلومات بين مختلف الأجهزة الأمنية سواء المخابرات العامة والمخابرات الحربية ومباحث أمن الدولة، تفتكر الراجل بعد كل ده «مش عارف مين النخبة دول».
■ حديثك ربما يشير إلى أن مبارك ربما أصبح زاهداً فى الدنيا.. هل تشعر بذلك؟
- الراجل «كتوم» إلى أقصى درجة، و«ده اللى هيجننى»، تفتكر أنت واحد كان عارف بمعلومة عبور أكتوبر 1973، قبلها بسنة ونصف، وعارف أمتى هيضرب ضربته وأمتى هيطلع بطيارته، ولم ينطق بكلمة حتى لزوجته، تعتقد أنه هيتكلم بسهولة.
■ هل أصيب نفسياً بعد وفاة حفيده محمد علاء؟
- جداً، إلى أقصى درجة تتوقعها، أذكر أنه فى ذات مرة عقب التنحى، حينما كنا فى شرم الشيخ، أثير بشكل عارض موضوع حفيده، وفجأة وجدته ينخرط فى بكاء شديد، وقال لى «لو كان محمد موجود.. كان خفف علىّ»، وحينما قلت له: «يا سيادة الرئيس ده كان عنده 12 سنة.. لسة صغير»، رد قائلاً: «هو الوحيد اللى كنت أحب أقعد معاه واتكلم معاه.. أنا مابقاش لىّ رغبة فى الحياة»، وواصل البكاء لدرجة أنى فشلت فى إسكاته، فخرجت للبحث عن زوجته السيدة سوزان ثابت، لتساعدنى فقالت لى «ليه بس بتفكّره بالموضوع ده».
■ هل أفصح لك مبارك عن قراره الذى كان ينوى اتخاذه فى 2011 حال لم تندلع الثورة، أقصد إمكانية الترشح لفترة رئاسية جديدة من عدمه؟
- نفى تماماً وجود أى نية لديه للترشح مرة أخرى للرئاسة، وهذا الكلام كان فى جلسة مغلقة بينى وبينه، حتى إنى لكى أتأكد من الأمر سألت السيدة سوزان وقالت لى الأمر نفسه، وأتذكر كلمته «أقسم بالله ماكنتش هترشح لا أنا ولا ابنى.. بقى يا راجل حد يقعد فى النار أكتر من 30 سنة.. وعايزنى أرمى ابنى فى النار دى تانى»، وشدد على أنه لم يجعل أياً من أبنائه من العسكريين حتى يغلق هذا الباب تماماً.
■ هل هذا رأيه الذى كوّنه واقتنع به حتى من قبل اندلاع ثورة يناير؟
- سأذيع لك سراً، مبارك قال لى إنه فى عام 2004 عقب عودته من ألمانيا، بعدما أجرى جراحة فى ظهره، قرر عدم الترشح لفترة رئاسية جديدة وترك الحكم، حتى من قبل وفاة حفيده، وحينما أعلن ذلك القرار لذوى الشأن، ولا أقصد زوجته بالطبع، تعرض لضغوط وقالوا له «إيه المفاجأة دى.. كمل المدة الجاية كمان لغاية ما نلاقى بديل»، حتى إن الرئيس فجر مفاجأة للجميع حينما أقدم على تعديلات المادة 76 من دستور 1971، والذين قالوا إنها كانت تخدم التوريث هم «الأمريكان» ومن لهم مصلحة فى وصول البلاد لموقف مؤسف.
■ ومَن الشخص المناسب الذى كان يراه مبارك يستحق أن يكون خلفيته فى الحكم؟
- الصراحة لم يتحدث إلىّ بشأن ذلك الأمر.
■ ألم يشر إلى اللواء عمر سليمان، خاصة أن الدوائر السياسية كانت تتحدث عن أنه الأقرب لذلك المنصب؟
- للأمانة هو قال لى إن اللواء عمر سليمان هو الأنسب لقيادة مصر عقب أحداث يناير 2011، لفهمه لطبيعة الأوضاع فى تلك اللحظات، ولأنه كان مدركاً لما يحدث فى مصر، لكن قبل يناير 2011 لم يتحدث معى حول من سيخلفه.
■ ما السر الذى لم تتوقع أن يبوح به مبارك إليك؟
- المعلومة التى كانت مفاجأة لى، هى أنه قرر أن يترك الحكم فى عام 2004.
■ كيف عاش مبارك لحظات وفاة حفيده فى عام 2009؟
- قال لى: «أنا لما جالى الخبر يا فريد.. كنت عمال أتنقل يمين وشمال وألطم على وشى»، هو لم يكن مصدقاً لهذه الصدمة لأنه قبل لحظات من مرضه الأخير كان الطفل موجوداً عنده بالقصر، وطالبه مبارك بالانصراف للنوم مبكراً كونه مرتبطاً بالمدرسة فى اليوم التالى، ووفقاً لما يرويه الرئيس الأسبق، فبعد انصراف محمد بـ30 دقيقة جاءه اتصال هاتفى من منزل علاء، يفيد بأن الابن الأكبر «نائم على سريره» لا يرد على نداءات أخيه، فقال لهم «يا جماعة الولد نايم»، ولكن الرد الذى وصل للرئيس كان مفزعاً «ده بينزّل سائل أبيض من فمه»، وحاولوا فى تلك اللحظات إنقاذ حياته، حتى إن الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى قال لمبارك «هاته وإحنا نعالجه»، لكن حفيده توفى وهو فى الطريق إلى باريس.
■ ما حجم التأثير السلبى الذى وقع على مبارك بعدها؟
- حالة الحزن الشديد التى سيطرت عليه، تسببت فى تحرك الخلايا السرطانية داخل جسده، حتى تم اكتشاف المرض السرطانى فى البنكرياس فى ديسمبر 2009، وبعدما شعر بآلام مستمرة، حصلنا على عينة من دمه وأرسلناها باسم مستعار لطبيب يدعى «إليا» فى ألمانيا، واكتشفنا المرض، فضلاً عن أن المفارقة أن أسرة مبارك، أقصد نجليه علاء وجمال، لم يكن لديهما فى ذلك الوقت «مقابر»، لدفن الجثمان، واضطروا لدفن الصبى مؤقتاً فى مقابر أسرة راسخ، حتى قاموا ببناء مدافن فى منطقة الكومنولث فى مصر الجديدة.
■ وكيف مرت رحلة علاج مبارك فى ألمانيا؟
- ما لا يعرفه كثيرون، أن مبارك كان سيموت أثناء العملية التى أجراها فى مارس 2010، حيث حاول الأطباء على مدار 3 أيام إفاقته، لذلك حينما تعرض لكسر فى الفخذ فى يونيو الماضى، أثناء وجوده فى مستشفى المعادى العسكرى، ودخل غرفة العمليات «كنت خايف عليه من البنج جداً».
■ وهل نستطيع أن نقول إن الورم السرطانى أزيل بشكل كامل من جسد الرئيس الأسبق؟
- الحمد لله آه.. الطبيب الألمانى «بوشلر»، أكد فى تقريره أنه استأصل الورم كاملاً.
■ لكن الطبيب ياسر عبدالقادر الذى أشرف على علاج مبارك فى 2011، قال إنه حال عدم تلقيه رعاية صحية جيدة حتى عام 2015.. من الممكن أن يرتد الورم السرطانى مجدداً؟
- «ياسر ده راجل...».، أفشى أسرار المريض، وكنت أنا من اقترح وجوده للإشراف على حالة الرئيس الأسبق، بسبب صعوبة وجود الطبيب الألمانى بوشلر فى مصر.
■ لماذا؟
- الطبيب تعرض لتهديدات لعدم الموافقة على علاج مبارك بشرم الشيخ، وأرسل لى الوثائق التى تفيد بتعرضه لمخاطر.
■ ومن الذى هدد الطبيب الألمانى؟
- جماعات الإسلام السياسى التى ينتمى غالبيتها للإخوان فى ألمانيا.
■ ما إحساسك الشخصى حول نهاية «قضية القرن»؟
- لا أعرف.
■ هل يراودك مثلاً شعور بالاطمئنان من مرافعتك؟
- أكون مطمئناً حينما أؤدى واجبى.
■ هيئة المحكمة قررت منح المتهمين فى اليوم الأخير للمرافعات، الفرصة للدفاع عن أنفسهم، هل سيتحدث مبارك؟
- حتى هذه اللحظة لم نقرر، والرئيس نفسه لم يحدد إذا كان يريد التحدث أم لا.
■ كمحامٍ، هل حديث موكلك فى مصلحته أم ضده؟
- حالته الصحية بالأساس ربما لا تسمح، بالإضافة إلى أن حديثه لن يضيف جديداً.
■ حينما نطق المستشار أحمد رفعت فى يونيو 2012 بحكم المؤبد على مبارك.. ماذا قال لك؟
- قال لى «القاضى قال فى بداية المنطوق.. بسم الله الحق والعدل»، لكن حكمه «لا هو عدل ولا هو حق»، وأمرنى بالبدء فى إجراءات الطعن.
■ برأيك، هل كانت لحظة دخول مبارك لسجن طرة عقب حكم المؤبد الأصعب فى الـ3 سنوات الماضية؟
- هناك لحظة أصعب، حينما أصرت النيابة فى وجود النائب العام الأسبق عبدالمجيد محمود على عودته لمستشفى سجن طرة، وترك مستشفى المعادى العسكرى، لدرجة أنهم نزعوا «المحاليل» من يده، قلت له «معلهش يا ريس»، صمت برهة وبعدها نظر للسماء وقال: «ربنا موجود»، هذه اللحظة فى رأيى كانت إشارة بأن عبدالمجيد محمود الذى عينه مبارك نائباً عاماً عن الشعب يريد إدخاله السجن، وأنا قلت له أمام الجميع خلال المرافعة «يا سيادة المستشار عليك ألا تظن أن حكم الإخوان قد استتب».
■ وماذا عن رأيه فى الرئيس عبدالفتاح السيسى؟
- مبسوط منه أوى طبعاً، فهو الذى عينه كمدير للمخابرات الحربية فى عام 2010، ويرى أن مصر قادرة على «العبور» من المرحلة الخطيرة إلى بر الأمان مع المشير السيسى حال تكاتف الجميع معه.