كان أمراً متوقعاً أن يكون لجماعة «الإخوان» نصيب كبير من الأحداث الدرامية فى مسلسلات هذا العام، فالكثير من الكتاب تفاعلوا وانفعلوا بما جرى ويجرى على الساحة من ممارسات تخص «الجماعة»، وبات أمامهم بعد عام من حكم «الإخوان» فرصة للتحليل والنقد والتعرض للكثير من التفاصيل التى تعلقت بكواليس حكمهم، وخاصة مع انتشار العديد من الكتابات الصحفية التى كشفت الكثير من التفاصيل عن هذه الفترة الحساسة من حكم مصر.
مشهد من مسلسل «الإكسلانس»
امتلأت الأعمال الدرامية هذا العام بشخصيات «الإخوان» سواء كانت أساسية وفاعلة فى الأحداث الرئيسية فى العمل، أو ثانوية، وأبرزها مسلسل «تفاحة آدم» بطولة خالد الصاوى، الذى قدم منذ حلقاته الأولى محاولات اختراق «الإخوان» لوزارة الداخلية والوصول إلى الملفات الأمنية السرية.
وفى جانب آخر يتعلق بفساد الإخوان يأتى مسلسل «الإكسلانس» ليقتحم عالم البيزنس «الإخوانى» واقتصاد «الجماعة»، حيث يجد رجل الأعمال سيف الدسوقى، الذى يجسد دوره أحمد عز، نفسه محاصراً بمافيا رجال الأعمال «الإخوان» الذين يسعون للسيطرة على السوق، وخلال حلقات العمل ظهر الرئيس المعزول محمد مرسى، خلال حلف اليمين للوزارة الجديدة، فى إشارة واضحة إلى وزارة هشام قنديل.
أما مسلسل «شارع عبدالعزيز 2»، فقد رصد من خلاله تعاون «عبدالعزيز» مع المتغيرات التى طرأت مع سيطرة «الإخوان» على السوق، واضطراره للتعامل معهم.
وإلى جانب ذلك، يأتى مسلسل «عد تنازلى»، الذى يقوم فيه عمرو يوسف بدور شاب يدعى «سليم» يتورط فى عملية اغتيال مساعد وزير الداخلية التى قامت بها جماعة إرهابية.
ولكن يبقى السؤال حول مدى قدرة تلك الأعمال على تصوير الواقع بشكل صحيح، وهل قامت بتوظيف وجود «الإخوان» من خلال أحداثها بشكل منطقى ومقبول أم لا.
الناقد طارق الشناوى يقول: «وجود الإخوان فى الدراما بات مثل التركيبة المعلبة المأخوذة من الأعمال السابقة ويتم تقديمها حالياً، أقرب لما يسمى «أكليشيه»، ولم تعجبنى هذا العام التركيبة التى تم تقديم شخصية الإخوانى أو رجل الدين من خلالها، وأسوأهم على الإطلاق «دلع بنات» و«الإكسلانس» و«تفاحة آدم»، ليس بها من الصدق ما يمكن أن يجعل المشاهد يتواصل مع ما يطرحه بشأن «الإخوان»، فقد رأيت العام الماضى، وحتى قبل ثورة يناير أعمالاً كثيرة بها انتقادات لشخصية رجل الدين أو «الإخوان» بها المزيد من الصدق، وأذكر أن العام الماضى كان هناك شىء من البطولة فى تقديم «الإخوان» فى الأعمال الدرامية، وخاصة أنهم كانوا فى الحكم، أما الآن فليس هناك أى شىء من هذه البطولة». ويتفق معه فى الرأى الناقد مجدى الطيب قائلاً: «تناول الجماعة فى الدراما التليفزيونية فرض نفسه من واقع الأحداث التى جرت فى الفترة الماضية، ومن الانطباع الأول أستطيع أن أقول إن ما يحدث على الشاشة من وجود «الإخوان» يعتبر تصفية للحسابات من الدرجة الأولى، فلا مبرر موضوعى لوجودهم فى الدراما إلا فى حالات قليلة، وما عدا ذلك فهو مبالغ فيه، وأخشى أن يؤدى ذلك فى وقت ما إلى التعاطف معهم وعدم تهميشهم، كما يتصور البعض، فبمجرد أن يشتمَّ أحد أن هناك محاولة للشماتة وتصفية الحسابات ستكون النتيجة مضادة تماماً، وفى «تفاحة آدم» على سبيل المثال، كان هناك بعض الواقعية فى بعض اللحظات فى المعالجة والتناول، ولكن فى بعض الأحيان كانت تزيد الجرعة بشكل مبالغ فيه، وهو ما تكرر أيضاًَ فى «عد تنازلى»، الذى احتوى على شكل من أشكال العنف فى التعامل مع الشيخ جابر، بقدر قد يسمح بوجود حالة من التعاطف.
وأخيراً يتحدث الناقد رامى عبدالرازق قائلاً: «فى الحقيقة أن الدراما تعانى مما يمكن أن نطلق عليه موضة، فمثلاً عقب ثورة يناير ظهرت الكثير من الأعمال التى تتناول رجال الحزب الوطنى وأمن الدولة، بشكل مبالغ فيه، وهو ما تم تكراره هذا العام مع «الإخوان»، وللأسف الشديد الأعمال المتواضعة هى التى تسعى خلف الموضة، وتعمل على طريقة من الذى لا يقدر على الرد؟ وتتعرض له بالنقد، فلو مثلاً قدموا «الإخوان» فيما قبل 2011 أو بعد 2013، لكانت هناك مساحة للتحليل والنقد لهم، ولكن ما يتم تقديمه من خلال المحتوى الدرامى الحالى مقحم وفاتر وسطحى وتقليدى، ويصبح وجودهم أشبه بـ«خيال المآتة» الذى يتم إلقاء كل التهم عليه».