آلاف الشهداء، آلاف الجرحى، قصف متكرر للمستشفيات وللمدارس وللأماكن الأخرى لإيواء الأطفال والنساء والرجال، أكثر من ربع السكان فى وضعية نزوح داخلى، حصار شامل، جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية ترتكبها آلة القتل الإسرائيلية، تدمير غير مسبوق للبنى التحتية ــ ومجلس أمن منظمة الأمم المتحدة الذى تسيطر عليه الدول الكبرى لم يعقد جلسة واحدة لمناقشة العدوان.
أما المجلس الأممى لحقوق الإنسان ففشل بفعل التصويت الرافض للولايات المتحدة الأمريكية والامتناع عن التصويت للدول الأوروبية، وعلى الرغم من التصويت المؤيد للعدد الأكبر من دول إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وعلى الرغم من أن المجلس الأممى استبق جلسة التصويت ببيان أشار فيه إلى وجود شواهد/ دلائل على ارتكاب إسرائيل لجرائم ضد الإنسانية، فى تشكيل لجنة لتقصى الحقائق فى غزة. وباستثناء بعض عبارات الإدانة التى خرجت من أفواه مسئولين دوليين بشأن العدوان الإسرائيلى وحديث وزير الخارجية الأمريكى عن «خطأ» قتل السكان المدنيين، صمت الغرب الأمريكى والأوروبى وصمتت المنظمات الدولية التى يهيمن عليها بينما توالت بيانات الإدانة القاطعة من إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية لجرائم إسرائيل وأخذت بعض الدول اللاتينية خطوات مختلفة لتسجيل رفضها الصمت على قتل الشعب الفلسطينى فى غزة.
لا حدود، إذن، لازدواج معايير الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبى. يكثرون من الحديث العلنى عن الديمقراطية والكرامة الإنسانية، ثم يصمتون عن الإدانة الصريحة للإجرام الإسرائيلى.
لا حدود، إذن، لازدواج معايير الغرب. يكثرون من الحديث عن الديمقراطية والكرامة الإنسانية وحق الشعوب فى تقرير المصير، وحين تتعارض هذه القيم مع مصالحهم يدمرون أفغانستان ويغزون العراق ويسلحون حركات متطرفة فى ليبيا وحركات طائفية/ مذهبية/ متطرفة فى سوريا ويتركون إسرائيل تمارس إجرامها.
لا حدود، إذن، لازدواج معايير الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبى. ولذلك ينبغى جر الخطوط الفاصلة بينهم وبين الأصوات المدافعة عن الديمقراطية فى العالم العربى التى تتضامن مع الشعب الفلسطينى وتطالب بمحاكمة مجرمى الحرب الإسرائيليين وبرفع الحصار عن غزة، بين حديثهم الزائف عن الديمقراطية والحقوق والحريات وحديثنا بإخلاص عن ذات القيم فى ظروف عربية ومصرية صعبة.
نعم نريد فلسطين المستقلة ومحاكمة مجرمى الحرب الإسرائيليين، نعم نواجه منظومات حكم/ سلطة مستبدة أو غير ديمقراطية. إلا أننا لم ولن ننخدع بازدواج معايير الغرب.
دعونا من الغرب، دعونا من روسيا والصين أيضا فهما لا يوظفان حديث الحقوق العربية إلا حين يخدم مصالحهما الحيوية. دعونا ننظر إلى العالم الواسع بعيدا عنهم، وندرك المواقف المبدئية للكثير من الدول التى تتسق بياناتها وأفعالها مع قيم الديمقراطية والكرامة الإنسانية وحق الشعوب فى تقرير المصير.
غدا هامش جديد للديمقراطية فى مصر.